الخيال هو تلك المطّية التي توجد لدى كل منا فهو يسخرها متى شاء وأين ما شاء ، فتبحر به تلك السفينة في مجرة العقل فينتقل بين عوالم
متعددة المناقب والمشارب فلا يفيق إلا وقد صدح الديك مؤذنا ً بطلوع النهار فيتعجب من قصر تلك الرحلة ومن غرابة المشاهد وسوء
التوقعات التي قد لا تكون حقيقة على ارض الواقع ...!
لا احد من البشر من لا يعيش تلك اللحظات، حتى الأطفال من بيننا من يعيشها بل قد يتجاوزنا في التصور لتلك الحقائق التي قد يراها ويكلمها
بينما نعتقد نحن بأنها مجرد خزعبلات، طفلي الصغير علي من جعلني أحاول الخوض في هذا الموضوع اليوم فأنا أعيش معه لحظات
مرافقة صديقة الكلب الصغير معنا فهو يفتح له باب السيارة ويجلس بالقرب من بيننا، فأنا وهو من يراه فقط، ويخبرني بأننا يجب أن نبقي ذلك
السر بعيدا ً عن أم احمد حتى لا تنزعج من ذلك وصدقوني فنحن الاثنين نعيش لحظات جميلة نتكلم فيها مع كلبنا الصغير في كل مكان، وكل
منا يفهم إشارة صاحبه بأننا يجب أن نتوقف عن الحديث عنه في تلك اللحظات التي نرى فيها من يراقبنا ،، فهو سرنا الذي نحافظ عليه ..!
يعرّف علماء النفس الخيال بأنه وظيفة هامة من وظائف الإدراك العقلي في النفس البشريّة ، ((وقد اعتبروا المادة التي يدخل في تشكيلها
الخيال مادة فنية، وقد تداخلت عدة قوى إدراكية مع الخيال وذلك لتداخل وظائفها واشتراكها في بعض الخصائص التكوينية، ومن
هذه القوى الحافظة، المصورة، الذاكرة التخيل..)) ..!
وقد عرّفها الجرجاني بقولة (( "الخيال وهي قوة تحفظ ما يدركه الحس المشترك من صور المحسوسات بعد غيرية المادة بحيث
يشاهدها الحس المشترك كلما التفت إليها، فهو خزانة للحس المشترك ومحلّه مؤخرة البطن الأول من الدماغ"..))
وللخوض في ذلك المبحث أوصي بهذا الرابط الجميل :
http://www.alimbaratur.com/All_Pages...waheen_103.htmللخيال ثلاث إشكال تختلف بإختلاف المتخيل ، فهناك خيال العامة من الناس وأنا وطفلي الصغير من بينهم ، وهناك خيال الأدباء والشعراء
وأخيرا ً هناك الخيال العلمي لأولئك العلماء ، ويلعب خيال الأدباء دورا ً كبيرا ً في توجيه العلماء لكي يسبروا المستحيل ويعيشوا في عالم
الحلم اللآمتناهي ، فهم يشتركون في رسم الصور للماضي والحاضر والمستقبل ...!
اغلب أوقات الخيال فترة المساء فلحظة السكون تغادر سفن الأفكار موانئ العقول ، فتتلاطم أحلام الأفكار وتتداخل الصور فتسمع الأصوات
وقد تشاهد الصور، وتتمنى النتائج، وتضع البدائل والبحث عن الحلول للمشاكل، بل قد تمتد الرحلات لكل يوم فلا تتوقف الرحلة ولا يتوقف
قطار عبور الزمن ، فتظل مسافرا ً زاده الخيال ُ ، وتظل متعلقا ً بالآمال التي قد تكون أضغاث أحلام ومحض خيال غير قابلة لكي تكون حقائق
يقول الشاعر الياس ابوشبكة في قصيدة حديث الخيال
تحرك الليل فقال الخيال :
من ليس يبكي الليالي الطوال ..
ولا يدمي المقلة الساهدة ..
من لم يذق في الخبز طعم الألم ..
ولم ينكّر وجنتيه السقم ..
وتسلخ الأوجاع منه حطم ..
من لا يرى في الشمس طيف الغروب ...
ويسمع الليل اختلاج القلوب ..
ويرصد الشمعة حتى تذوب..
من لم يغمس في هواه دمه ..
ولا يرى في كل جرح حكم ...
إن قوقعة اللاشعور التي يختفي في خلالها الإنسان لحظة الحاجة لها ميزة كونها أكثر شاعريّة ، وحكمة ، وفلسفة ، فهي تلك المنطقة التي
تفصل الإنسان عن الواقع ، فاللاشعور ليس مسكونا فقط بالمسوخ من الصور، بل إن للآلهة والملائكة والأبطال والحوريات مكان فسيح فيه ..!
الفلاسفة عاشوا تلك اللحظات الجميلة في مخيلتهم فأخرج لنا أفلاطون المدينة الفاضلة ، ومفكرينا المسلمين اخرجوا لنا حي بني يقظان ، فتلك
أحلام غنيّة بالصور والتخيلات ...!
على نهجهم نستمع من الساسة لتلك الجمهوريات ، وتلك الأحلام الوردية لإخواننا الفلسطينيين الذين لا زالوا تحت سيطرة آلة الإعلام الغربي
التي ينفخ في بوقها بتلك الأماني والتخيلات التي ستتحقق في حال تقديم المزيد من التنازلات ، لكن للأسف على ارض الواقع تنتهك الأعراض
وتستقطع الأراضي ويشتت الشعب الفلسطيني ويجوّع ...!
للإستفادة عليكم بقراءة الخيال في الفلسفة العربية على هذا الرابط :
http://membres.multimania.fr/abedjabri/n33_06kak.htmإن كان العامة من الناس والشعراء والفلاسفة والكتاب وابني الصغير من يعيش الخيال إلا أن هناك من تجاوزهم في تلك التصورات
والتخيلات ، نعم هم من أشرت لهم في معرض حديثي السابق وقصدت به أولئك العلماء فلولا الخيال لهم وتلك العبقرية المشتعلة لما تمكن
الإنسان من الطيران ، ولا استطاع غزو الفضاء ولا اكتشف الذّرة ومكنوناتها ولا أشار لهم رب العزة في محكم كتابه حين قال بسم الله الرحمن
بسم الله الرحمن الرحيم (( إنما يخشى الله من عباده العلماء ..))
أي انهم العلماء اكثر معرفة بالله سبحانه وتعالى ...!
لكن هناك أيضا ً من يشطح منهم كثيرا ً فيوصلنا إلى مدارك بعيدة قد لا نعيها بل قد يشكلون لنا من الصور التي ستظل مجرد خيال يعشش في
العقول ولا يزيدنا غير رهقا ً ..!
وللإطلاع على صور عديدة من صور التخيل العلمي أوصي بهذا الرابط الأكثر من جميل :
http://ahmedbarakat83.blogspot.com/2...blog-post.htmlللأقوال دور كبير في وضع الصور الخيالية موضع الحقيقة ، فنحن يطيب لنا ان نشير الى الكاتب الفلاني أو الفيلسوف المذكور والشاعر
المرهف الحس إن كان من اقواله ما يلامس مناطق الخيال ومنابع الشعور لنا نحن جميعا ً بني البشر ، واكثر ما يأسرنا تلك الاقوال عن نصفنا
الآخر وهي المرأة فنجد أنفسنا ننقاد لتكرار تلك الأقوال ، فنحفظها ونسمعها الآخرين في المناسبات ،وأثناء الأحاديث والنقاشات إن كانت تتفق
وواقع الحدث فعلا سبيل المثال هناك من الأقوال التي تحضرني لبعض المفكرين والأدباء والفلاسفة اسوق منها لكم وهي كما يلي :
- المرأة.. أثمن جوهرة نزعت من تاج الطبيعة ؛ لتكون زينة للرجل ، وسعادة له .... جوبار
- المرأة.. عطية أنعم الله سبحانه بها على الرجل؛ للتعويض عن فقدان الفردوس ... جوته
- المرأة.. جميلة في عين الرجل، والرجل أجمل في عين الطبيعة ... فيلسوف
- الشمس تشرق في علا الرب.. وجمال المرأة الصالحة في عالم بيتها ... "التوراة"
- المرأة ابتسامة الخالق بين مخلوقاته؛ لتخفيف ويلات حياة الرجال.... فيلسوف
- المرأة الصالحة هي من بين حطام الدنيا: أفضله، أما المرأة السيئة فهي أشد لعنة في الحياة البشرية ....... حكيم
- المرأة كوكب يستنير به الرجل .. ومن غيرها يبيت الرجل في الظلام .. شكسبير
- رأيت وجه امرأة .. فرأيت أولادها ولم يولدوا بعد ........ جبران
أبحرت بكم في الخيال، وتهت بكم في خيالي ، فأصبحتم مثلي مشوشون هل تعيشون الواقع أم الخيال وهل الخيال حقيقة قابلة للتصديق أم أنها
فكر وفلسفة وسباحة ضد التيار، فتهت بكم وتهتم بي فهل وصلتم لما أردت لكم أم أننا بعدنا كثيرا ً وتداخلت المواضيع فصرنا فاقدين القدرة
لتحديد الواقع من الخيال ، على قول كفار قريش هيهات ، هيهات لما توعدون ،، وحديث خرافه الذي قال فيه الرسول الأعظم صلوات الله
وسلامه عليه وخرافة ُ حق ...!
الله اعلم...!
منقول للفائده
الإثنين أبريل 14, 2008 5:30 am
